رؤية في كتاب ( قراءات سيميوطيقية لقصائد عراقية) للناقد الدكتور مصطفى لطيف عارف
حسن البصام
السيميوطيقا ، تهدف إلى بناء المعنى وطريقة توصيله ، تعتمد على خلق العلامات والرموز وهي أحدى مصطلحات علم اللغويات، أو هي بمعنى ( علم العلامات) ، وكان سوسير من أوائل المدافعين عنها فضلا عن بارت.
ان كتاب الدراسات النقدية ( قراءات سيميوطيقية لقصائد عراقية) للقاص والناقد الدكتور مصطفى لطيف عارف ، الصادر عن مطبعة دار أماجي – العراق / ط 1- 2023 قد تضمن العديد من الدراسات النقدية المختلفة ،المتباينة بين الرثاء والمديح ، والومضة والنثر والحر والعمود، المسرحية والنقد ..وهذا ما منح الكتاب ثراء في النقد والتحليل إذ دأب الكاتب على نشاطه النقدي واسع الطيف ، متماشيا مع تعدد الإبداعات واختلاف مشاربها ، مثابرا في متابعاته لما ينشر أو يصدر من كتب تعنى بالأدب والثقافة بروح الناقد التواق إلى استلهام اشراقات الإبداع في أفاق النصوص الشعرية أو السردية .
ابتدأ الكتاب بتحليل قصيدة الشاعرة عهود عبد الواحد ص(10)…( الآخر المدحي في قصيدة ” ألطاف النوال” ) وجاء في مقطع منها : ” الا ياغيم جودي باعتدال وحيّي (المصطفى) زين الرجال وحيّي الناصرية اذ حوته حوت فخرا تلفع بالجلال رأت فيه ( الثقافة) شمس نقد ليدفئها بحلو من مقال” وجاء في بيان رأي الناقد الدكتور مصطفى العارف ” أما عنصر الصدق فهو ما يميز شاعرتنا ويبعدها عن عنصر المبالغة وزيف التكسب ،كما انه يقترب من الإطار المحلي الضيق،كما في نصوصها الشعرية الأخرى ،ان إيحاءات النص خير دليل على مدى الحس النقدي التي تمارسه الذات الشاعرة إزاء الآخر “.
كما تناول الناقد العارف كتاب الناقدة الدكتورة أنسام محمد راشد ص(19) ( ممكنات الشعرية في القصيدة العربية المعاصرة- النظرية والإجراء) يقول الناقد ” ان التأويل يعمل على الخطابات التي تحتمل دلالتين فيبرز الثانية البعيدة على وفق قريبه من جهة الأخرى ،وبالتأكيد ان ذلك يشمل الخطابات الشعرية بوصفها أكثر أنواع الخطابات احتفاء بالرموز والإيحاء والغموض “ ويقول الدكتور مصطفى لطيف عارف ص(35) ” فليس ثمة حقائق في الأدب .كما يقول نيتشه .بل هناك تأويلات يعتمد الوصول إليها على ثقافة المتلقي وبراعته وهذا ما نادت به نظريات ما بعد البنيوية ،فالتفكيكية تعتمد في الأساس على تصورات فلسفية معينة وعليه يمكننا القول ،ان الفكر النقدي هو فكر فلسفي لأنه يفسر الوجود المتمثل في النص الأدبي ولا تُخرج الانطباعية والذاتية النقد عن تلك الساحة “
كما تناول ص (37) (التفرد والخصوصية في شعر الشاعر أديب كمال الدين) يقول ” وعلى مستوى إفادته من تقانات القص ومخرجاتها السردية ،فانه يعمل بمعطياته ويتجاوزها إلى مجال أرحب وأكثر حيوية هو ما بعد القص،حيث تغيب السردية الظاهرة لصالح سردية باطنية تعمل بإمرة الشعرية فنراه يقول :ـ كانوا يحذرونني في كل يوم بل في كل ساعة: لاتخرج على النص! قلت : وأين هو النص حتى اخرج عليه؟ لم يكن هناك نص على الاطلاق ! وكانت تحذيراتهم مجرد هلوسات ، هلوسات من العيار الثقيل” وقد ضم الكتاب دراسة نقدية مسرحية القصيدة في ديوان (مسافات الماء وجرار المعنى) للشاعر الدكتور مسلم الطعان ، ورد فيها ص(49) ” فالإبداع في القصيدة الممسرحة عند الطعان هي القدرة على ابتكار شيء لم يوجد سابقا ،ويعتمد على مواهب الشاعر مسلم الطعان المبتكر ومعلوماته ،وخبراته دون ان نهمل محيطه الخارجي الذي يخلق المنبهات والإيحاءات التي تربط بين قدراته الداخلية الذاتية ،والبيئة المنشطة لتنمية ما فكر به أو ما حاول خلقه …فنراه يقول:ـ فصل مسافاتي ثان:جرار الجمر المبجل وهو يحور جرار الجمر المبجل قال متحدثا عن سفر الأناشيد : هم يكتبون الأناشيد وانا اسال الطين: عن موسيقى الماء كيف ارتفعت لم المسافة” كما تناولت المقالات النقدية القصيدة القصيرة في ديوان (عشقتك عن ظهر قلب )للشاعر حسن البصام. يقول الناقد ص (65)” ان القصيدة القصيرة في ابرز خصائصها ضرب متميز من التقنية في القدرة على إيجاد بنية شمولية في بضعة أبيات أو اسطر محدودة ،ومن اجل ذلك فهي تقتضي وعيا وحساسية متميزين للمعنى ،واللغة ليس في نطاق الكلام حسب بل في صميم العلاقة بينهما كبنية لغوية كلامية دالة من جهة وبين العالم من جهة أخرى:ـ بدون نظارتي لا أرى الأشياء بوضوح وربما لا أراها أبدا لاتبتعدي عن عيني سأظل اتوكأ على عصا الظلمة حتى تمسكني من يدي حزمة ضوء حتما انك في المقدمة “ وتضمن الكتاب المقال النقدي…