ثقافة الترشيد والاستهلاك والتكافل بالأعلى للثقافة في رمضان
الوعي مفتاح ثقافة الترشيد
يستهلك الناس في رمضان ثلاثة أضعاف الشهور الأخرى
أقام المجلس الأعلى للثقافة ندوة: “ثقافة الترشيد والاستهلاك والتكافل”؛ والتي نظمتها لجنة الجغرافيا والبيئة، وذلك في تمام التاسعة مساءً يوم الأربعاء الموافق 29 مارس الحالي بقاعة المجلس الأعلى للثقافة.
وأدار الندوة وشارك بها: الدكتور عبد المسيح سمعان، أستاذ الدراسات البيئية جامعة عين شمس ومقرر اللجنة، وشارك بها كل من: الدكتور حسن السيد خليل، الأمين العام المساعد للثقافة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عادل عبد الله سليمان، خبير الإدارة البيئية والتنوع البيولوجي بوزارة البيئة.
تحدث الدكتور عبدالمسيح سمعان حول الوعي وثقافة الترشيد، متسائلًا: ما الخطأ الاستهلاكي الذي حدث في المجتمع؟ مشيرًا إلى أن هناك استطلاعات رأي تشير إلى الاستياء من الاستهلاك المتزايد.
وملقيًا الضوء حول مصطلح رأس المال الثقافي الذي تزايد استخدامه مؤخرًا، موضحًا أن الثقافة تلعب دورًا جوهريًّا في تغيير الأوضاع، وأن رأس المال الثقافي يشكل نمط الاستهلاك للناس، ومشيرًا أن العادات والتقاليد كانت تمثل قيمة كبيرة في حياة الناس من قبل، ولكن الآن تغير نمط الاستهلاك وخبت العادات والتقاليد الأصيلة.
واستشهد سمعان بإحصائيات بنك الطعام المصري عام ٢٠٢٢، الذي قال إن متوسط حجم الغذاء المهدر نحو ٩١ كيلوجرامًا سنويًّا للفرد الواحد في حين يعاني العديد من الناس الجوع، لذلك يجب الحرص على جميع الأطعمة المتبقية وإعادة تدويرها واستخدامها والاستفادة منها في صنع أطعمة أخرى.
وموضحًا أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لاحظت أن أكثر من ٤٠% من الأطعمة المهدرة من الخضر والفاكهة. ومشيرًا ان استهلاك الناس في رمضان يبلغ ثلاثة أضعاف الشهور الأخرى.
وسرد سمعان إحصائية الأمم المتحدة حول استهلاك الماء، قائلًا إن فنجان القهوة الواحد كي يصل إلى شاربه يحتاج ١٤٠ لتر ماء، في حين ان لتر الحليب يحتاج إلى ألف لتر ماء، وكيلو الجبن يحتاج خمسة آلاف لتر من الماء، ويحتاج كيلو القمح ١٣٠٠ لتر من الماء.
واختتم حديثه مناديًا بضرورة ترشيد الاستهلاك وتغيير أنماط الاستهلاك للحفاظ على المواد الغذائية التي وهبها الله للإنسان.
وقدم الدكتور عادل عبدالله سليمان ورقة بحثية بعنوان “نحو أنشطة بيئية مستدامة تحافظ على ثرواتنا الطبيعية لنا ولأجيالنا المستقبلية”، وناقش فيها قضية التنوع البيولوجي، مشيرًا إلى أن ما يقرب من 400 مليار دولار سنويًّا ستنفق لوقف الفقد في التنوع البيولوجي عالميًّا بحلول منتصف القرن الحالي.
وذاكرًا مهددات التنوع البيولوجي، موضحًا الأسباب التي تؤثر على البيئة ومنها: تغير المناخ، والأنواع الغريبة والغازية، والتلوث بأشكاله المختلفة، ومقدمًا إحصائية حول أعداد التنوع البيولوجي.
وتوقف عند التنوع البيولوجي في مصر، والتي تمتلك مجموعة فريدة ومتنوعة من الكائنات الحية، وهذا بسبب موقعها المتميز متوسطة ثلاث قارات، ويؤثر تنوع البيئات الجغرافية في تنوع الكائنات الحية بها.
وأشار إلى الاتفاقية الخاصة بالتنوع البيولوجي على غرار الحفاظ على المناخ، ونجح المجتمع الدولي في إحراز تقدم ملحوظ بهذا الشأن، لا سيما في إعلان الأراضي المعلنة كمحميات طبيعية، والتي تتميز بالتنوع البيولوجي.
وقدم نموذجًا للحفاظ على الموارد الطبيعية، وهو الحفاظ على النباتات البرية في سانت كاترين.
وتحدث الدكتور حسن السيد خليل حول الرسالة التوعوية للمجلس الأعلى للثقافة وأهميتها في تفتيح وعي الجمهور، مشيرًا إلى أن كل مصطلح في عنوان الندوة يحتاج إلى ندوة مستقلة، وأما عن ثقافة الاستهلاك فقد أشار إلى حاجتنا الشديدة إلى شباب منتج واعٍ في حين ان لدينا العكس، فالشباب يستهلك اكثر مما ينتج.
وعن التكافل قال إنه باب كبير من التضامن والتواد والتراحم، مؤكدًا ضرورة ان نزرع في نفوس أبنائنا منظومة الأخلاق وعليها فلن نحتاج إلى نصحه بترشيد الاستهلاك لأنه سيكون سلوكًا فطريًّا لديه، والإنسان المكرَّم هو خليفة الله في الأرض، وهذا الخليفة خلق ليعمر الأرض، ومن حكمة الخالق أن جعل الاخلاق تسير في أبداننا جميعًا مسرى الماء في الورد، فالإنسان لا يستطيع ان يؤدي دوره في الحياة إلا إذا سارت الأخلاق خصلة طبيعية فيه.
مشيرًا إلى وصية القرآن “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا”، ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بعدم الإسراف في الماء ولو كان على نهر جارٍ.
وأوضح ان الترشيد هو الوعي، وتنمية الوعي واستثمار القدرات نوع من الترشيد.
ومن التكافل أن نكون ذوي عقل وضمير يقظ، واعين بكل ما لدينا من النعم التي وهبها الله للإنسان، داعيًا الآباء إلى
غرس ثقافة عدم التبذير في نفوس أبنائهم.