بقلم/ حسام عبد القادر مقبل
“الحياة ذكريات جميلة وحزينة، سعيدة ومؤلمة، قد تكون مليئة بالإنجازات، أو بالإخفاقات.. وتبقى الصورة هي التي تسجل هذه الذكريات وتحتفظ لها لتصنع تاريخنا”.
أحلام طعيمة الوردية والضبابية.. والثقافية
الذكريات التي تحملها صور هذا المقال هي ذكريات حديثة جدا، لم يمر على بعض الصور أيام معدودة والبعض الآخر أسابيع قليلة، ولكنها ذكريات مهمة لي رغم حداثتها، فريهام طعيمة شخصية تستحق التأمل، تعرفت عليها عن طريق الفيس بوك، عندما كانت تنشر مذكراتها بشكل يومي وكنت اقرأها واستمتع بسرد بسيط وسهل وتلقائي جدا عن رحلة كفاح جديرة بالاحترام والتقدير، لا أنكر أن جزء من تحيزي لها أنها إسكندرانية، ولكن أحاول دائما “بقدر المستطاع” إبعاد هذا العامل وأنا أكتب.
انتقلت ريهام من الإسكندرية إلى دبي، ومن دبي إلى إيطاليا ثم من إيطاليا إلى تورنتو بكندا، رحلة طويلة مليئة بالكفاح والعزيمة والإصرار، والتأمل، التأمل لي أنا، ولأني اكتشفت نفسي أيضا وأنا أراقب الفتيات اللاتي يقدن سيارات النقل الكبيرة، وغيرهن ممن يعملن في تصليحات الشوارع، وكيف أنهن يعملن بكل جدية وسط ظروف صعبة جدا، مثلهن مثل الرجال، هذه الصور ما زالت تدهشني رغم كثرتها ووجودها اليومي في حياتي، مثل دهشتي بالثلوج في كل مرة رغم مرور العديد من مواسم الثلوج علي بكندا.
لماذا أحكي هذا وأنا أتحدث عن ريهام طعيمة، لأني رأيتها مثل الفتيات اللاتي حكيت عنهم في قدرتهن على العمل الشاق الذي ننظر له دائما أنه لا يناسب المرأة، فريهام أيضا قامت برحلة شاقة وصعبة، ولكن معظمها كانت على المستوى الذهني، والثقافي لاحقا.
تخصصت ريهام في ريادة الأعمال، ولكن الحظ يأخذها لمسار آخر بشكل لم تخطط له أو تقصده، بعد كتابتها ليومياتها على الفيس بوك، لاحظت اهتمام المتابعين لها بهذه اليوميات، ففكرت في تحويلها لسلسلة كتب وأطلقت عليها “ثلاثية الحلم والسراب”، ومن هنا كان بداية اهتمامها بالمجال الثقافي، بحثت عن دار نشر، وأثناء بحثها قررت أن تنشئ دارا عربية للنشر بكندا، وذهبت إلى مصر في رحلة خاطفة تعاقدت خلالها على نشر كتابها الأول “أحلام وردية” مع دار كتبنا، ثم الكتاب الثاني “أحلام ضبابية”، ثم فتحت معهم تعاونا لتسويق إصداراتهم في كندا، وهكذا فعلت مع بعض دور النشر الأخرى، وقررت أن تكمل سلسلة المغامرات بعمل معرض عربي للكتاب، ونظمت أول دورة له في أول يوليو الماضي، في مدينة ميساساجا بولاية أونتاريو، ثم رجعت من أونتاريو على مونتريال لحفل توقيع روايتها الجديدة “أحلام ضبابية” وقامت بعمل حفلين توقيع في يوم واحد، الأول نظمه المكتب الثقافي المصري بمونتريال وحضره السفير محمد فخري قنصل مصر العام في مونتريال، والدكتور أحمد فوزي الملحق الثقافي المصري بمونتريال، وفي المساء من نفس اليوم كان لها حفل توقيع آخر في “كواليس” حضره نخبة من المثقفين.
مهلا يا ريهام، أريد أن التقط أنفاسي، هكذا قلت في نفسي، لقد قامت ريهام باختصار سنوات طويلة وبنشاط متميز استطاعت أن تقدم وجبات ثقافية للمثقف العربي داخل كندا، قد يتهمها البعض بالتهور، ولكني أطلق عليها المغامرة، فهي شخصية مليئة بالتحدي والإصرار، لا يوقفها أي شيء أمام طموحها وأفكارها، تحمل شنطتها وتجري هنا وهناك وتسافر بهذه الشنطة المليئة بالكتب أكثر من الملابس، وتتجول وتعلن عن نشاطاتها الثقافية وأحلامها الوردية والضبابية، والثقافية وهي الأهم برأيي، فإذا كانت ثلاثية الحلم والسراب هي ثلاث روايات اعتبرها مذكرات شخصية، إلا أن أحلامها الثقافية ستكون هي الأهم برأيي لأنها وضعت بصمة مهمة في عالم الثقافة العربية بالمهجر.
حسام عبد القادر مقبل – صورة في حدوتة