محمد أبو زيد التجاني يكتب أمهات الأفكار
” ما أبهى ذلك الاتساع، أن تَخرج عن كل التصورات التي تَتَداعى إليك في كل لحظة.. كلها قديمة، غالبها بنات أفكارك، تشبه ملامحها، وتحمل أتربة قِدَمها. الأمر يشبه كوب ممتلئ عن آخره بمياه ملونة، تظل تسكب فيه مياه صافية، بشكل مستمر حتى يتَبدّل تماما؛ فيصفو ويتجدد، هكذا الأمر.
تَدّرَب جيدا على نقد الفكرة وتفصيلها، الأفكار مغزولة من خيوط كثيرة، كل فكرة واردة مليئة بأدق التفاصيل،
يقول تعالى { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} (12) الإسراء.
الأفكار نقطة في الشئ، وعسى أن تلتمس تفصيلة بفكرة واحدة كخيط من شمس الإلهام ممتد إلى آفاق خارج آفاق هذا العالم. لا تتسرع بكل وارد حتى تَتَبدّل ملامح فكرتك تمامًا. عليك أن تكون حذرًا ودقيقًا، لا تفحص كل الأفكار فهناك بعضها كفخ يدخلك في ثقب أسود .
” إذا تأملت عالم الأفكار ستجد أن هناك نوعان، الأول هو القائد أو كما أحب أن أسميه أمهات الأفكار، والباقي على الهامش، تلك الأمهات توَجّه جيش جرار من الأفكار، مثلًا تجد على سيارتك كيس قمامة ملقى، ثم الطريق مزدحم ثم تأت امرأة تقود سيارتها خلفك فتصطدم أنت بها، ستقول حينها ” هو فيه إيه؟ هو كله متّسلط عليا ” هذه اللحظة هي استجابة لإحدى أمهات الأفكار، إن ” الجميع مُتسلّط عليك” ، فتتعامل من خلال هذه الفكرة مع باقي يومك : ونماذج أخرى من أمهات الأفكار هي المقصودة بالمصطلح الذي نشير إليه ” أمهات الأفكار ” والتي تستمر معنا ربما سنوات مثل: (أنا نحس، انا سيء في العلاقات، أنا فاشل، أنا غبي… إلخ).
ومن هنا تأتيك الهوامش، تتدفق عليك لتأكد لك ذلك.. ولا تنال إلا شعور سلبي يسيطر عليك ويُضرم فيك الغضب، كما تسري النار في الهشيم.
” أمهات الأفكار هي من تُحدّد نَظرتك في كل شيء، عينيكَ التي ترى بها الحياة، هي نفسك التي تستقبل من خلالها الآخرين، وتتعامل مع كافة تحديات الحياة وربما تَحكم من خلالها على الآخر، ومنها أيضا، تَظن ” أن الناس جميعًا لا يُحبونَك” فتنطلق معاملاتك معهم من خلال هذا الظن، فتُوُلد لك هذه الفكرة جيش من الأفكار التي تأكدها، وكلما ركّزت مع هذه الهوامش ولم تَعِ أو تُدرك من أين لك هذه الافكار وأنها من الفكرة الأم ألاَ وهي” لا أحد يحبك” .
ولكي تَتَحكّم يها عليك خلق درع مضاد لها. وهذا ما أشرنا إليه في بادئ حديثنا، أن تَخلق فكرة مقابلة، أنه لا فارق أن يحبك هذا أو ذاك، أحب نفسك أولا وكفى به من حب تحتمي به، وبالمثل كل أمهات الأفكار التي تسبب الشعور بالتعاسة، ومع الوقت واليقظة والانتباه تتلاشى وتَتَجدد، تعامل مع أمهات الأفكار جميعها كذلك، وإسأل هل هي فكرة تثمر بنتيجة جيدة أم شعور مّعطل، كن دومًا مجددا لها؛ حتى تتجدد أنت، فأصولها تنبع مما تربيت عليه أو العقلية الجمعية، أو من تجارب السابقين، كن حذرًا وأنت تصنع أمهات أفكارك… أما عن المرأة التي صدمتك
“العيب في العربية معلش”.