أخبار عاجلةاقتصاد وبنوك

أ.د منال خيري تكتب التعويم اقتصاديا

ما هو تعويم العملة
سعر الصرف العائم أو كما يطلق عليه تعويم العملة هو التخلي عن سعر صرف عملة ما من خلال معادلتها مع عملات أخرى ليصبح محررا تماما، دون تدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده مباشرة.
بحيث أنه ينشأ تلقائيا بناءا على آلية العرض والطلب في سوق العملات النقدية والذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية.
وتظل أسعار صرف العملة العائمة تتغير باستمرار وفق تغيرات العرض والطلب على العملات الأجنبية بالشكل الذي قد يجعلها تتغير عدة مرات على مدار اليوم الواحد.
ويعني التعويم بمعناه البسيط، عدم تحديد سعر عملة دولة معينة وتركه يتحرك ويتغير أمام العملات الرئيسية وفقا لنسبة العرض والطلب. بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة إلى ارتفاع سعرها والعكس صحيح.
ومن هنا فإن البنوك المركزية لا تستهدف سعر معين لعملاتها المحلية عند اتباعها لنهج التعويم المطلق، بل إن سعر العملة هنا يكون شبيها بسعر الذهب والمعادن الأخرى الذي يخضع إلى التغيير اليومي في الأسواق العالمية، حتى أنه قد يتغير من ساعة لأخرى.
أنواع تعويم العملة:
هناك شكلين من أشكال تعويم العملة:
التعويم الخالص:
أو كما يطلق عليه التعويم الحر، وهو الحرية التامة لتغيير وتحديد سعر الصرف مع مرور الوقت وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق دون تدخل الدولة في شيء سوى أن تتدخل السلطات النقدية للتأثير على سرعة تغير سعر الصرف فقط دون أن تتدخل في الحد من ذلك التغيير. ويتم اتباع ذلك النهج الحر لتعويم العملة في بعض البلدان المتقدمة ذات النظام الرأسمالي الصناعي، مثل الجنيه الاسترليني، والدولار الأمريكي.

التعويم الموجَّه:
أو كما يطلق عليه التعويم المُدار، وهو حرية تحديد سعر الصرف وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق. وتتدخل الدولة في هذا النوع من أنواع التعويم عبر مصرفها المركزي عند الحاجة إلى توجيه سعر الصرف في اتجاهات محددة مقابل باقي العملات. بحيث يتم هذا الأمر كاستجابة لبعض المؤشرات التي تشمل معدل الفجوة بين العرض والطلب في سوق صرف العملات، التطورات التي تطرأ على أسواق سعر الصرف المماثلة والمستويات الآجلة والفورية لأسعار صرف العملات. ويتم اتباع هذا النهج الموجَّه لتعويم العملة في بعض البلدان ذات النظام الرأسمالي إلى جانب بعض البلدان النامية التي يرتبط سعر صرف عملتها بالجنيه الإسترليني، أو الدولار الأمريكي أو حتى بسلة من العملات.
وقد أدت التطورات الاقتصادية والسياسية في أوائل فترة الستينيات من القرن الماضي إلى بيان ما آل إليه نظام النقد الدولي المبني على اتفاقية بريتون وودز التي تعتمد نظام ثبات أسعار الصرف التي تستند على الدولار الأمريكي الذي يتسم بقابليته للتحويل إلى ذهب دون حدوث تغيير للسعر.
إذ أنه لم يعد يتمكن من ضبط التغيرات الكبيرة المستمرة في أسعار صرف العملات في الدول المشاركة في الاتفاقية.
أسباب تعويم العملة
نشَأت فكرة تعويم العملة لعدّة أسباب مختلفة، ومن أبرزها ما يأتي:
التباين في معدلات النمو الاقتصادي
ظهرت هذه التباينات التي بشكل واضح بين القوى الاقتصادية الكبرى، مثل أوروبا الغربية، واليابان، والتي أصبحت منافسًا للولايات المتحدة الأمريكية.
الأثر الناتج من اختلاف مستويات التضخم
نشأ هذا الأثر بين الدول الصناعية على أسعار الفائدة وذلك بجانب التأثير الناتج عن تغيرات أسعار الصرف.
ارتفاع معدل التنافس
نشأ هذا التنافس بين الدول الصناعية الكبرى، وبالتالي أصبح هناك تعارضًا للمصالح فيما بينها.
الانهيار في نظام بريتون وودز
نشأ هذا الانهيار من النقص الشديد في السيولة العالمية المتاحة من تدفّق الدولارات الأمريكية إلى الخارج، بسبب عجز الميزان التجاري.
تمويل حركة المضاربة الشديدة
يعدّ تمويل الدولارات الأوروبية لحركة المضاربة للفرنك الفرنسي، والجنيه الإسترليني، والليرة الإيطالية، وكذلك المارك الألماني في أواخر الستينات من أهمّ هذه الحركات المؤثّرة والتي أدّت إلى زيادة حجم المضاربة بين العملات
فوائد تعويم العملة
يُحقق نظام تعويم العملة العديد من الفوائد على أصعدة مختلفة، ومن أهمّها ما يأتي:
الاستقرار في ميزان المدفوعات
يؤثّر التغيّر في سعر الصرف بشكل مباشرٍ على المعاملات بين كيانات الدول حول العالم، وإقرار نظام محدد سيساعد في تحقيق هذا التوازن.
التبادل الأجنبي غير مقيّد
يسهّل هذا النظام تبادل العملات وسعر الصرف بدون التزامات محددة في قيود حكومية، وهذا أيضًا يخفف العبء الإداريّ على الحكومات والبنوك.
تعزيز كفاءة السوق
يُؤثّر تغيّر سعر صرف العملات في الأسواق العالمية بدوره على تدفّق المَحافِظ بين البلدان، ممّا يعزز كفاءة عمل السوق عالميًا.
قوة احتياطيات النقد الأجنبي
يُمكن توجيه المبالغ الاحتياطية للحفاظ على العملات الأجنبية الكبيرة، وبدلًا من ذلك يُستخدم هذا الاحتياطي في تعزيز النّمو الاقتصاديّ من خلال استيراد السلع الرأسمالية.
تقليل احتمالية حدوث الأزمات النقدية الدولية
يَكثُر في نظام العملة الثابتة حدوث الأزمات بسبب الضغط الواقع على البنوك المركزية لخفض قيمة عملة محددة أو لإعادة تقييم أسعار الصرف، ولكن مع نظام تعويم العملة تظلّ البنوك المركزية في عملية تغذية مستمرّة من خلال حصولها على كميات كبيرة نسبيًا من عملة محددة عند ارتفاع قيمته
تحقيق المرونة في التعاملات المالية
تتطّلب التغييرات الكبيرة في الأنظمة التجارية التي تتأثر بتغيرات اقتصادية وسياسية على سبيل المثال أزمة النفط في عام 1973م والتي أدّت إلى تغيّر كبير في أسعار صرف العملات، فالنظام الثابت لا يمكنه أن يخدم هذه الحاجة بكفاءة النظام الماليّ المُعوَّم.
مخاطر تعويم العملة
ينتج عن نظام تعويم العملة كذلك مخاطر معينة، ومن أهمّ هذه مخاطر ما يأتي:
التعرض لتقلّب سعر الصرف
تظهر السلبيّة بسبب هذه التقلبات المتكرّرة والتي من الممكن أن تحدث خلال فترات قصيرة جدًا أيّ خلال 24 ساعة فقط، ومن الممكن أن تؤثر بشكل سلبي واضح على أساسيات الاقتصاد الكلي.
النمو الاقتصادي الدولي المقيّد
يحدّ التذبذب في أسعار الصرف بشكل واضح من حركة الانتعاش الاقتصاديّ ويعدّ تأثّر سعر صرف عملة معينة دونًا عن عملة أخرى منافسة خطرًا حقيقيًا، فمثلًا عند ارتفاع سعر الدولار مقابل اليورو سيحّد أو حتى من الممكن أن يقف التصدير إلى أماكن التداول باليورو في الولايات المتحدة الأمريكية.
تفاقم القضايا المحلية الاقتصادية
تظهر هذه السلبية بشكل واضح في الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية، مثل: البطالة، والتضخم العالي على وجه الخصوص.
تخصيص الموارد في الدولة تحت نظام تعويم العملة
تكون الصادرات أفضل عند انخفاض العملة والواردات تكون أفضل عند ارتفاعها، ولهذا السبب فإنّ الدول لا يمكنها تحديد استراتيجيات بعيدة المدى والعمل على أساسها وهذا بدوره يجعلها تُقيّد حركاتها وتعمل على تخصيص الموارد من أجل ضمان أقلّ الخسائر.
آثار تعويم العملة على اقتصاد الدول
يؤثر مستوى العملة بشكل مباشر على الاقتصاد بالطرق التالية :
تجارة البضائع : تؤثر قيمة العملة الضعيفة أو القوية على واردات وصادرات الدولة، فالعملة الأضعف تجعل الواردات أكثر تكلفة وتحفز الصادرات.
تدفق رأس المال : يميل رأس المال الأجنبي للتدفق إلى البلدان التي تتميز بحكومات قوية واقتصادات ديناميكية وعملات مستقرة، حيث تحتاج هذه البلدان إلى عملة مستقرة نسبيا لجذب رأس المال من المستثمرين الأجانب، وإلا فإن انخفاض قيمة العملة يزيد من احتمالية حدوث خسائر في أسعار الصرف ويردع المستثمرين الأجانب.
التضخم : يمكن أن يؤدي انخفاض قيمة العملة إلى تضخم مستورد للبلدان التي تعد مستوردا كبيرا ، وخاصة للعديد من السلع الاستراتيجية الهامة
تتأثر قيمة النقد المحلي للدولة، سواًء إذا كان التأثير بالارتفاع أو الانخفاض، وهذا يؤدي إلى عدم وجود سعر ثابت في الأسعار، وأيضًا يوثر تعويم العملة على التجارة الخارجية والنمو الاقتصادي، وأيضًا يؤثر على الموازنة العامة الخاصة بهذه الدولة.
يؤدي التعويم إلى لجوء الكثير من أصحاب الأموال في هذه الدول إلى استثمار أموالهم في الخارج، وهذا يعمل على تأثير ميزان المدفوعات في هذه الدولة.
التعويم يؤثر بالسلب على الصناعة المحلية، ويؤدي ذلك إلى بطء شديد في النمو الاقتصادي، وينخفض الإنتاج وتزيد البطالة.
يرتفع التضخم، والإنتاج يكون في تراجع مستمر، وبالأخص في البلدان النامية ، اضافة لارتفاع معدلات البطالة.

وفى ظل مخاطر التعويم وخاصة في الدول التي تعانى من مشكلات اقتصادية ومنها مصر من ارتفاع معدلات التضخم ، ارتفاع اسعار الفائدة ، انخفاض معدلات الاستثمار المحلى وزيادة الضغط على الجنيه المصري شرعت الحكومة المصرية بإصدار العديد من القرارات الاستثمارية لتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبي ، بإنشاء المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس السيسي ، خفض اسعار الفائدة بالنسبة لبعض المشروعات ، دعم تنافسية الصادرات المصرية واعادة تشكيل المجلس الأعلى للتصدير ، توطين الصناعة لخفض فاتورة الاستيراد ، تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة الاحلال محل الواردات ، والانضمام لتجمع بريكس .

أ.د/ منال محمود خيري

أستاذ مناهج الاقتصاد – جامعة حلوان

 

ورئيس لجنة التعليم بحزب حماة الوطن.

 

اقتصاد وبنوك – أوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى