غادة فاضل فطوم تكتب منتصف الطريق…
ها قد مرّ العمر, وأصبح في منتصف الطريق, الوقت يمرّ أمامه كقطار لا يتوقف, انتظر قليلاً, انتظري أيتها السنين, فأنا لا زلت أنتظر ما أنتظره كي أحارب ما شئت من ضجر العمر.
وهنا تتوقف كل الأزمنة, وتتوقف أفراح العمر, هنا أدوّن على حافة الهواء كل أيامي القادمة, وأدوّن أن الكواكب مازالت ملكاً لي, وأغرق في نجومها المنثورة أمامي.
لن أدع مجالاً لأي من الأحزان, أن تغزو جسدي وأتفاوض مع الفرح, ليلازمني ويبقى إلى جانبي, وأسخّر حراس البخت لأيام قادمة جديدة, سأغني لبحر عمري, الذي فاتني ببحر عمر آخر, ارتفعت موجاته حتى غمرتني بشاطئ أنتقيه كما يحلو لي.
ها قد مرّ العمر وأصبح المنتصف منصفاً, كل
ما انتصف انتصف, لكن سأغير حياتي وأعيد الألوان إليها.
هو يعبر المجد, حتى لو انتصف العمر. وبين المجد والمجد يغدو حلمه أكبر, ويومه مشرقاً, وصباحه ندياً. ومساؤه بلون الليلك, حتى هلال أيامه سيتجاوزه دون العودة لما مرّ معه خلال خسوفِها.
كل تفاصيل جسده, حتى لو انتصف, خلاياه تضج بالاستمرار والتحدي, لا لن يفكر بأشياء سلبية, وكل ما هو ايجابي يجب أن يرافقَ أدقّ مشاعره.
ها قد مرّ العمر.. ها قد مرت السنين, لكن لا بد أن أجمل الأيام لم أعشها بعد, أجمل اللحظات باتت قاب قوسين أو أدنى, صحيح أنه قضى ما قضى منه, لكن هو حتى الآن يمتلك زمام أمره, يتحكم به كيفما شاء ويشاء.
وعلى أشعة الشمس الأولى زاد تدفق شرايينه, باتت خلاياه صاخبة, ونبضه بطيئاً بطيئاً بطيئاً, حتى غار في أعماقه, وكأن ذاك السيل الجارف صخرة كبيرة أعاقت طريقه.
كل من تحدّاهم ساروا إلى أعمالهم, وكل إلى وجهة ما ابتغاها.
أما هو… مازال ملتصقاً, جسده يعانق الفراش, يزداد وجهه شحوبا مع تقدم الشمس إلى خاصرة السماء.
وقد مرّ العمر.. منتصفه.. أوسطه.. وما بينهما.. ونهايته.
لكن الحقيقة الوحيدة التي بقيت جاثمة فوق صدره.. أنه لم يحقق حلمه.
غادة فاضل فطوم
من مجموعة” أنين الصلصال”
الصادرة عام ٢١٠٣ عن دار الميراد