Uncategorizedأخبار ثقافيةأخبار عاجلة

رحلة فكرية جديدة بين النص والواقع: صادق الخواجا يقدّم قراءة معاصرة للقرآن من منظور موسوعي

إصدارات

 

عمّان- متابعة أوبرا مصر

 

في إصدار فكري لافت، يقدّم الباحث والمفكر الأردني صادق الخواجا كتاباً بعنوان “بحث في القرآن الكريم”، صادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن (2025).
يُعدّ خلاصة تجربة فكرية طويلة ومسيرة بحثية موسوعية بعنوان بحث في القرآن الكريم، يضج مضمونه بأسئلة مركزية تدور حول معنى الوجود، والخلق، والرسالة، والتوحيد، ومفاهيم الزمن، والمادة، والقدر، والحساب، كما يعيد النظر في العلاقة بين الإنسان والنص القرآني في ضوء الواقع المعاصر.
يحاول الكاتب تفكيك البنية التقليدية للفهم الديني، وتقديم مقترحات تأويلية جديدة تستند إلى رؤية فلسفية وإنسانية موسوعية، تنطلق من معطيات الواقع وسياقنا المعرفي الراهن، وتتجنب الانحياز لأي مذهب أو مدرسة عقدية سابقة.
في مقدمة صريحة، يعترف الخواجا بأنه ليس “مختصاً” بالمعنى الأكاديمي الدقيق في علوم الدين أو الفلسفة أو العلوم الطبيعية، لكنه بالمقابل يقدّم نفسه كصاحب رؤية موسوعية، شغوف بالعلاقات بين الحقول المعرفية المختلفة، وبدور هذه العلاقات في بناء منظومة فكرية أكثر تكاملاً. ويرى أن هذه المقاربة “غير التخصصية” تمنحه مساحة أوسع للتأمل الحر والاجتهاد غير المقيد بقيود المدارس التقليدية.
هذه الخلفية تُشكل روح الكتاب، التي تتجلى في الطريقة التي يتناول فيها القضايا الكبرى: لا بوصفها موضوعاتٍ دينيةً مغلقةً، بل كبنى مفاهيمية متشابكة تتصل بتاريخ الإنسان وأسئلته الكبرى. لذلك لا يجد القارئ في هذا الكتاب “تفسيراً” للقرآن بالمفهوم التقليدي، وإنما تأملاً منهجياً وتحليلياً في مفاهيم وردت في النص، ومحاولة لإعادة بنائها بطريقة تناسب احتياجات الحاضر.
يتصدر الكتاب تقديم علمي قيّم من أ.د. عامر الحافي، أستاذ الأديان المقارنة في جامعة آل البيت والمستشار الأكاديمي للمعهد الملكي للدراسات الدينية، الذي يصف العمل بأنه “جهد دؤوب نحو تأسيس أرضية معرفية شاملة”، ويثني على نهج الكاتب الذي يمزج بين الفلسفة والدين، وبين العقل والنقل، في محاولة لفهم النص القرآني بطريقة جديدة، تحفز القارئ للتفكير وإعادة النظر في كثير من المسلّمات الراسخة.
يبدأ الكتاب بمقالة تأسيسية بعنوان “الخلق والصورة والكينونة”، يحاول فيها المؤلف فهم دعوة القرآن للتفكر في “كيف بدأ الخلق”، من خلال تأمل العلاقة بين الخلق والزمكان والمادة، وفهم هذه العناصر ضمن حقل الفعل الإلهي، لا كمفاهيم فيزيائية فقط.
في كتابه، يدعو صادق الخواجا القارئ إلى فتح أبواب الحوار مع النص، وعدم الاكتفاء بالموروث دون مراجعة، كما ينبّه إلى أن القراءة الحديثة للقرآن ليست ترفاً فكرياً بل ضرورة حضارية. فالتحديات المعاصرة، في نظره، لا يمكن التعامل معها بأدوات الماضي فقط، بل تستدعي اجتهاداً جديداً يراعي المعنى القرآني ضمن واقع الإنسان الحديث.
“القرآن وواقع الإنسان: قراءة موسوعية معاصرة”، كتاب جديد ينضم إلى مكتبة الفكر الإسلامي المعاصر، ليس بوصفه تفسيراً، بل بوصفه اجتهاداً صادقاً في سبيل التفكر في كلام الله. وهو كتاب يُتوقع أن يُثير الكثير من النقاشات الجادة في الأوساط الفكرية والدينية، لما يطرحه من أسئلة محرجة أحياناً، وجريئة دائماً، حول علاقتنا بالنص، وحدود قراءتنا له، وقدرتنا على فهمه بلغة عصرنا، دون أن نخون معناه.
يؤكد الكاتب في خاتمته أن هذا العمل لا يطمح إلى أن يكون “قولاً فصلاً”، ولا يسعى إلى تخطيء ما سبقه من اجتهادات، بل يمثل رؤية فردية قائمة على التأمل والتدبر والتفكر، ضمن حدود الأدوات المعرفية المتاحة له. كما يعترف بأنه مدفوع بشعور بالمسؤولية تجاه النص، ولكنه أيضاً غير معصوم من الخطأ، فكل استنتاج يقدمه هو “رهين سياقه المعرفي”، والقرآن كما يرى لا تنقضي عجائبه، بل تتجدد أسئلته بتجدد الزمان والمكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى