ساحة الإبداع

رحيل النرجس شعر : مصطفي أبوهلال

رحيل النرجس شعر : مصطفي أبوهلال
رحيل النرجس شعر : مصطفي أبوهلال

كنتُ ..

أمرُّ عليها صبحًا ..
فاتحةً .. نافذةَ الزيتونِ
على أبهاءِ مساجدِ عينيها ..
وسدومُ الأمداءِ القاحلةُ ،
تنازعُ أطرافَ الغلَسِ ..
فتنبسُ شفتاهَا العنبرُ
للشارعِ ..
والعرباتِ /
الناسِ /
الأطفالِ العدَّائينَ
إلى الطابورِ /
بناتِ الحقلِ اللائي
يُهرعنَ إلى النَّهرِ ..
فترقصُ حَلْماتُ القطنِ
بماءِ الصُّفَّةِ ..
والأحصنَةِ الراكضةِ
على دربِ لَمَاها ..
والتِّينِ الطالعِ
في وردةِ خديها ..
أهدابِ النرجَسِ ،
وحماماتِ الكرخِ
وريحِ المرمرِ ..
حينَ تهُبُّ على النخلِ ../
الرُّطَبِ الساقطِ من وجنتها ..
وكُراتِ الموسيقَى ؛
والشالِ على طُرَّتِها .. والليلِ ..
” صباحَ الخَيرْ ” ..
.. المارةُ منهمكونَ
بمحوِ مسافةِ هذي الأمتارِ
الحائلةِ على قِلَّتِها ..
ما بينَ دراري النورِ
الماثلَةِ حيالَ الأعيُنِ
والأفئدَةِ النازحةِ إلى اللهِ ..
فتوشِمُ هذي الأعينُ
قُبلَتَها لهُمُو ..
كي يستهِمُوا ..
ويسيرَ الرَّكبُ
إلى حيثُ امتدَّتْ
أرزاقُ الأيامِ الرِّقَّةِ ..
تصبحُ بزَخًا ..
من رَمقتِها في الصبحِ
إلى مغربِ فتنتها ..
يصطفُّ الأنفارُ على الرُّوحِ
وفوق لَجاجِ الصَّدرِ
يُمَنُونَ شفاهَ العَطشِ
بمَزقةِ نَهدٍ
ومِلاطٍ من عَسجَدٍ
انثالَ على خَصرِ اللُّجَّةِ ..
يا اللهُ ..
لقد أترعَ هذا السيلُ العطشَى ..
وأناخَتْ إبْلُ الصحراءِ
قُبالةَ نبعِ أصابعِها /
النِّيلِ المتفجِّرِ /
زمزمِها ..
يا كلَّ أراضي اللهِ ..
تعالَيْ
واستبقِي العبْراتِ
وسوحِي
في أوداجِ العتمَةِ
واشتجِري
بالأضغاثِ
وبالأضغانِ
وهُبِّي ..
يا ريحَ الصَّرصَرِ
واقتلعِي كلًَ جذورِ النَّخلِ
وخَلِّي النُورَ
ظلامًا وقتامًا
وأحيلِي السُّحْبَ غمَامًا ..
ماتَتْ
جَلوةُ قلبِ المارَّةِ والأطفالِ
وشمسُ الإصباحِ
وقمرُ الليلِ ..
وسالت أوديةٌ
واحتملَ السيلُ الزَّبَدَ الرابِيَ ..
وافتضَّ الليلَكَةَ البُورْ ..
انحسرَ المَدُّ ،
وقُطِّعَتْ الأوصالُ ..
وعادَ الناسُ على البَدءِ :
تنانيرَ تفورْ ..
كي تُرغِمَ وجهَ الحيِّ ..
وتبهَتَ عِرضَ الحُورْ ..
وتجوسَ بأغوارِ القُبحِ ..
وتُحكِمَ قيدَ الزُّورْ ..
فالموتُ على المُهجةِ بادٍ
والقلبُ ..
على الحُرقَةِ مفطُورْ ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى