هيا يا صديقي نستكمل رحلتنا وننطلق إلي نقطة زمنية أخرى وموجة ثانية من أمواج الحزن في بحر حياة النبى.
أمسك صديقي بيدي قائلا: تمهل … أنا لا أريد المغادرة الآن لا يجب أن تمر مرحلة الطفولة هكذا دون أن نقف طويلا .. لقد نجا
نعم يا صديقي لقد نجا … هذه هي النجاة الحقيقية .
هل تعرف إن ما تعرض له خلال فترة طفولته التي تشكل طبيعة وشخصية الإنسان من الممكن أن تؤدي به إلي انحرافات وتشوهات نفسية وممكن أيضا تتكون شخصية غير سوية .. انطوائية أو عدوانية أو …
قاطعته أو شخصية سوية وعندها يصبح قائد متميز
رد صديقي بحماس : طبعا وهذا بالفعل ما حدث
لقد شكلت تلك المشاعر الحزينة وتعدد اليتم والشعور الدائم بفقد الأحباب واختلاف البيئات التي تكفله وخروجه للعمل مبكراً بذورا إيجابية لتصبح شجرة مثمرة فيما بعد .
نعم لقد نجح ونجا
و يبقى السؤال هل من الممكن أن يفعلها أي شخص آخر ؟
قلت طبعا بعد رعاية الله الأخذ بالاسباب
قال : وما الأسباب
قلت : عدم الاستسلام والتصالح مع النفس والتقبل والانطلاق نحو الحياة مثلما فعل رسول الله
دعني أخبرك أمرا
يقول د.أحمد خيري العمري في كتابه السيرة مستمرة
( الأشخاص الذين يلعبون دورا في حياتنا يقومون دون أن يشعروا بمنحنا دروسا في علم النفس .. لكن التعامل مع بعض الأشخاص بوعي ومراقبة سلوكهم وتصرفاتهم يفتح لنا نوافذ مهمة لفهم السلوك البشري ودوافعه ومحفزاته . وخاصة عندما نكون قريبين من أشخاص شديدي الاختلاف في الطباع … سيكون ذلك دافعاً لنا كي نتفحص سلوك كل منهم .. نقترب منهم أكثر عبر فهمهم أكثر … ربما سنحبهم بكل الأحوال لكن المعرفة شيء آخر الفهم شيء آخر
المعرفة قوة ….. أن تعرف أكثر يعني أن تكون أقوى
ومعرفة النفسيات والسلوكيات البشرية قوة مهمة بالتأكيد
بل ربما لا يمكن لقائد أو زعيم أو مؤثر في الناس أن يتشكل دون أن يمتلك هذه القوة ابتداء)
هذا هو قارب النجاة الانشغال بالفكر بدلا من الانشغال بعتاب الأقدار وظلم الناس وجلد الذات .
لذلك بعد النبوة والرسالة بسنوات قال الرسول الكريم وصيته التي فهمنا منها سر النجاة
( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته …. )
ضحك صديقي قائلا : راعي … انظر إلي اللفظ … انظر إلي ثمرات بذور خروجه إلي رعي الأغنام في الطبيعة
نعم يا صديقي هذا بالفعل ما حدث كان يتعلم وتحولت المشاعر من سلبية إلي إيجابية إنها مسؤول وأول شخص مسؤول عنه هو أنا ذاتي نفسي ثم من حولي .
ألم أقل لك لقد نجح …. لقد نجا
وأعطانا أيضا مفتاح الخروج من أزمات السنوات الأولى
صلى الله عليه وسلم