بقلم/ حسام عبد القادر مقبل
“الحياة ذكريات جميلة وحزينة، سعيدة ومؤلمة، قد تكون مليئة بالإنجازات، أو بالإخفاقات.. وتبقى الصورة هي التي تسجل هذه الذكريات وتحتفظ لها لتصنع تاريخنا”.
سامي حنا.. عشقنا للكتب جمعنا
الإنسان دائما يبحث عن من يشبهه، والتشابه قد يكون في العادات والتقاليد، وقد يكون في طبيعة الحياة وهذا أصعب، فأنا مثلا أعشق الكتب ولا أستطيع البعد عنها، وهي هواية واحتراف في نفس الوقت، لأنها تحولت من هواية في صغري إلى احتراف عندما امتهنت مهنة الصحافة والكتابة، ورغم مئات الأصدقاء الذين أشرف بصداقتهم إلا أن قليل جدا منهم الذين يشبهونني في حب الكتاب.
وعندما جئت إلى كندا في يوليو 2019، بحثت عن من يحبون الكتاب، وكان لدي مشروع طموح أيضا أن أنشر الكتاب العربي للجالية العربية بكندا، ومن خلال حوار على الشات مع الصديقة العزيزة الأديبة الكبيرة هناء الرملي وكانت وقتها في الأردن، أثناء أزمة كورونا التي سجنت الجميع، فعبرت لها عن بحثي وطموحي، قالت لي هناك صديق مصري يعيش في كندا منذ فترة طويلة وكان عنده مشروع لتوزيع الكتب العربية وهو مثقف وكاتب ومبدع، اسمه سامي حنا.
سعدت جدا وطلبت منها أن أتعرف عليه، فقالت لي إن تليفونه ضاع منها، وهو لا يتفاعل على السوشيال ميديا رغم وجود صفحة له على الفيس بوك، والحل الوحيد أن ترسل له إيميلا وبالفعل قمت بإرسال الإيميل التالي في 19 مايو 2021 وهذا نصه:
“الأستاذ الفاضل سامي حنا
تحية وتقدير
أنا حسام عبد القادر صحفي مصري ومقيم حاليا بمونتريال
تحدثت عنك معي المهندسة هناء الرملي وكلمتني عنك كثيرا، خاصة أني أريد العمل والاحتكاك بالوسط الثقافي العربي في كندا، أتمنى أن نتواصل ويمكن لو وقتك يسمح نلتقي
خالص تحياتي وتقديري لك
حسام عبد القادر مقبل”
وتركت رقم تليفوني، وبعد يوم تقريبا وجدت مكالمة تأتيني من رقم لا أعرفه، وبصوت مصري أصيل يقول لي أنا سامي حنا، سعدت جدا وتحدثنا كأننا نعرف بعضا من سنوات طويلة، ولم أنتبه أننا تحدثنا أكثر من ساعة رغم أنها أول مكالمة ومجرد تعارف، ومن يومها بدأت صداقة كبيرة مع الأستاذ سامي حنا.
الأستاذ سامي حنا شاب في الثمانين من عمره، موجود في كندا منذ خمسين عاما تقريبا، يعرف كل شبر في كندا، عندما نذهب معا إلى أي مشوار أوقف جي بي إس الموبايل، لأن معي الجي بي إس الأكثر وعيا وفهما بشوارع كندا.
التقينا في كثير من الاهتمامات، أكثرها عشقنا للكتب، وفوجئت بالمكتبة الضخمة التي يقتنيها وبمشروعه الرائع الذي أتمنى أن أكمله بالتعاون معه بتوصيل الكتاب العربي لكل من يهتم في أمريكا الشمالية، أستمع له ولذكرياته وجولاته وصولاته وأتعلم منه.
تعلمت من سامي حنا الكثير عن طبيعة المجتمع الكندي، ودائما يأخذني معه في جولات عديدة ويظل يشرح لي من الذاكرة التاريخ وأهمية كل مكان وماذا فعل الفرنسيون هنا، وماذا فعل الإنجليز، وتاريخ المباني القديمة، ذاكرة حديدية رائعة خاصة أنه عمل في السياحة فترة طويلة هنا بكندا وكان مرشدا سياحيا.
سامي حنا كاتب وناقد، عمل بكتابة السيناريو في الستينيات ولكنه قرر الهجرة في بداية السبعينيات، ليغير حياته تماما، عمل أعمالا عديدة في كندا، ولكنه دائما مرتبط بمصر، ومشروع الكتاب العربي قام به لربط مصر بالمصريين والعرب في كندا.
“يا ريت كنت قابلتك من عشرين سنة أو أكثر” هذه الجملة يكررها لي دائما كلما تقابلنا.
وأرد قائلا إن كل حاجة بميعاد، وأراد الله أن نلتقي في هذا التوقيت.
عندما قرأ لي كتبي “غاوي سفر”، و”رسائل من الشاطئ الآخر” وبعض مقالات لي سألني “إيه إللي جابك كندا؟”، ضحكت وقلت له “أكيد أنت اتسألت السؤال ده كتير لما جيت في السبعينيات”، فيبتسم ويوافق على كلامي.
وكلما تسنح الفرصة التقط العديد من الصور لنا معا، فيسألني حتعمل إيه بالصور دي كلها أضحك وأقول له حانشرها.
حسام عبد القادر مقبل – صورة في حدوتة