مها الخواجة تكتب قراءة انطباعية نقدية في “الحب في الزمن الضائع”
الانتباه والندم بعد فوات الأوان، وجلد الذات وحسابها حسابا عسيرا على خطأ في الماضي، ومحاولة تدارك ذلك الخطأ لكن هذا التدارك يأتي في الوقت الضائع .. قصة بتيمة الحزن تضع نصبَ أعيننا تساؤلات تبحث عن حلولها .. • هل إنكار الحب ينفي وجوده؟ • هل القلب قادر على الوقوع في الحب مهما بلغ من العمر أرذله؟ • هل تعاقبنا نفوسنا؟، أم يعاقبنا الزمان بصفعاته؟ الشخصيات: في كل مؤلف سردي هناك شخصيات تتحرك وتؤدي أدوارها المنوطة بها، تختلف بين: شخصيات رئيسية، وأخرى ثانوية تنقسم إلى قسمين: (شخصيات ثانوية مساعدة وأخرى معرقلة) والشخصية الرئيسية في قصتنا (الحب في الوقت الضائع) هي شخصية الراوي، وهو الشخصية المحورية التي بدأت معها الأحداث والتفاعلات الزمانية والمكانية. والشخصية الرئيسية”الراوي” أخذنا معه منذ أول القصة مع تساؤلاته وإيضاحاته عن شخصه واعتقاده في الحب والمشاعر والعواطف، وسرد لنا عن نفسه ما يوضح أسلوبه المتبع في الحياة، والذي من وجهة نظره جعله ناجحا، ثم أبان لنا في وصف دقيق إقباله على الزواج بحثا عن السكن والذرية، ثم حيثيات تنقله من زوجة لأخرى وذكره لأسباب الطلاق من الزوجة الأولى ثم الثانية (سلوى، التي وضح أن سبب طلاقه منها عدم الإنجاب لأنها كما ذكر”عاقر”) والتي تفاجأ بأنها أنجبت بنتا بعد زواجها من غيره، ثم ذكره لزوجته الثالثة والتي أنجبت له البنين والبنات. في مسار القصة ندرك أن الراوي يسرد محدثا نفسه في منولوج داخلي، وكأنه يراجع ما فات من عمره بعدما تخطى السبعين، يراجعها ويحاسبها وربما يعاتبها، فنتساءل معه لم فرت دموعه عندما تذكر الزوجة الثانية (سلوى)، لترتبط معنا ومعه هذه الذكرى بليلة عيد ميلاده وتجمع الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات للاحتفال به، وننتبه لخفقان قلبه حين رأى صديقة حفيدته وأثر رؤيتها عليه، ثم تعلق روحه بها لدرجة استجداء رؤيتها .. ثم يأتي دور الشخصية الثانوية المحورية في القصة، وهي زوجة الابن التي حين يتكلم الراوي عنها يصفها بالداهية، حيث يبدوا لنا عدم التوافق أو القبول بينه وبينها، إذ ذكر لنا عددا من مواقفها السيئة حيث أوضح لعبها على ابنه وإيقاعه للزواج منها، ثم كيدها لزوجته وموتها كمدا وحسرة بسببها. فقد أدرك أنها انتبهت لتعلقه بالفتاة الشابة، ومع ذلك وقع بإرادته في الفخ الذي نصبته له، حيث استغلت قربه ومحادثته للفتاة أسوأ استغلال، وافتعلت له صورا مسيئة جعلت أبنائه ينقلبون عليه ويسيئون معاملته .. أبنائه وبناته الذي كان قد وزع عليهم ثروته ونذر نفسه للعبادة وانتظار كلمة القدر، وجدهم ينهرونه مصدقين كلام تلك الحرباء التي سرقت دفتر مذكراته وفضحته أمامهم بما دون فيه، لينتفض صارخا فيهم: أعطيتكم أموالي فهل ستحجرون على قلبي ومشاعري؟! أتت النهاية حزينة ومؤثرة إذ أنه حين أفاق وجد نفسه في المشفى، بين أيادي الأطباء والممرضات ولا يشغل نفسه وعقله سوى ذكرى لوجه زوجته الثانية (سلوى) وحبها له، وتمسكها به ورفضها الطلاق حتى لو عاشت خادمة له ولمن سيتزوجها عليها، وانتباهه للشبه بينها وبين الفتاة (سلوى الصغيرة)، فيسأل نفسه: هل ما ناله من قسوة وجحود عقاب لذنبها؟ وهو بذلك قد نال جزاء إنكار الحب؟! جاءت الحبكة دائرية فانتهت القصة من حيث بدأ التساؤل، وجاء السرد القصصي والحوار الداخلي والخارجي بالعربية الفصحى البسيطة غير المتكلفة ولا المتقعرة ..
تحياتي للكاتب القدير/ متولي محمد متولي وتمنياتي له بدوام التوفيق مها السيد الخواجه دمياط في ١٥ يونيو ٢٠٢٣م